مفهوم التقنیة
تناول مفھوم التقنیة مناسبة لفھم جانب من الإنسان یتعلق بالفعل الإنساني وبأثر ھذا الفعل داخل العالم. فالإنسان لیس مفكرا فقط، لا یكتفي بإنتاج التصورات والأفكار ولكنه كذلك كائن صانع ومنتج طور صنعه وإنتاجه من الأدوات الأولیة البسیطة إلى الأدوات الأكثر تعقیدا. إذن ترتبط التقنیة بمجال الفاعلیة الإنسانیة، فقد وجد الإنسان نفسه في بدایة وجوده على الأقل داخل عالم غیر مفھوم بما فیه الكفایة، عالم غریب ومدھش، كان علیه أن یضمن فیه الانتصار في معركة الوجود والبقاء. ھذا جعل فاعلیته تتجه في اتجاھین أساسیین: اتجاه الفھم من جھة واتجاه التغییر والتحكم من جھة ثانیة. بالفعل عمل الإنسان ومنذ عصور على فھم العالم أو الواقع المحیط به وذلك من أجل السیطرة علیها والتحكم فیها. وھذا أدى إلى العلم من جھة وغرضه الفھم، ویطرح فیه بشكل كبیر سؤال الوسائل التي تمكن من ھذا الفھم وبالتالي بناء الحقیقة. وأدى إلى التقنیة وھي مجموعة من الإجراءات العملیة القابلة للتعلم وللنقل وللتطویر، وغرضھا التحویل والتحكم.
یرتبط موضوع ھذا المفھوم بتدخل الإنسان في الطبیعة لمعرفتھا والسیطرة علیھا للاستفادة من خیراتھا. لذلك یتعین معرفة التقنیة بما ھي أدوات ووسائل یصنعھا الإنسان أثناء تدخله في الطبیعة، والعلم بما ھو خطوات منھجیة لفھم وتفسیر الظواھر... ویطرح ھذا الموضوع مشكل العلاقة بین التقنیة والعلم والآثار المترتبة عن ذلك. خاصة عندما تحولت التقنیة إلى قوة مسیطرة على مصیر العالم.
یمكن تناول مفھوم التقنیة من خلال إشكالات ثلاثة أساسیة:
- مفھوم التقنیة، كیف یمكن تحدیده؟ ھل یمكن حصر التقنیة في صنع الأدوات والآلات؟ ألا یمكن اعتبارھا نمط حیاة، ونمط وجود؟ ما الذي یجعل التقنیة خاصیة إنسانیة؟
- التقنیة وعلاقتھا بالعلم، ھل ھي مجرد ممارسة تطبیقیة لنظریات العلم؟ ما علاقتھا بالعلم وبالمجتمع؟
- تطور التقنیة، سلبیاتها وإیجابیاتها ما ھي انعكاسات تطور التقنیة على الإنسان؟ ھل لھا انعكاسات إیجابیة فقط؟ إلى أي حد یمكن الحدیث عن انعكاسات سلبیة؟