recent
أخبار ساخنة

المحور الثاني: الفرد والمجتمع

المحور الثاني: الفرد والمجتمع

اشكال المحور: ما علاقة الفرد بالمجتمع...؟ وهل يمكن تصور مجتمع بدون أفراد...؟ وهل يسمح المجتمع للفرد بإبراز ذاته وتميزه ام يسلبها منه...؟

أولا: موقف أنتوني غيدنز

يؤكد في سياق تحليله للعلاقة الرابطة بين الفرد والمجتمع، على أهمية التنشئة الاجتماعية، باعتبارها عملية تكوينية، تدريجية، يتعلم من خلالها الفرد، جملة من أنماط التفكير والسلوك، وبعض المعارف والمهارات، وأساليب الحياة، إنها القناة الأساسية الأولى، التي تنقل من خلالها الثقافة من جيل لأخر، وهذا لا يعني ان التنشئة الاجتماعية نوع من البرمجة ثقافية، التي يكون فيها الفرد مجرد موضوع سلبي، يكتفي بتلقي المؤثرات الاجتماعية، بل انه منذ ولادته، ذو نشاط وفعالية ووعي بالذات، إذ إن له احتياجات ومتطلبات توثر في سلوك من يتولون رعايته والعناية به. وتجري التنشئة الاجتماعية على مرحلتين: التنشئة الاجتماعية الأولية، في مرحلتي الرضاعة والطفول وتعد الاسرة الفاعل الابرز والأكثر أهمية فيها، ومرحلة التنشئة الثانوية، والتي يتدخل فيها مجموعة من المؤسسات، كالمدرسة، والأقران، والاعلام... وبالتالي يسهم المجتمع بواسطة التنشئة الاجتماعية في تعليم الفرد ثقافة وقيم مجتمعه، وبواسطة هذه التنشئة يتم انتقال الثقافة من جيل لأخر.

ثانيا: موقف نوربرت ّإلياس

لتوضيح طبيعة العلاقة الموجودة بين الفرد والمجتمع ينتقد "نوربرت إلياس" كل من أنصار المجتمع القائلين "كل شيء يرجع الى المجتمع"، وأنصار الفرد، الذين يرون "أن كل شيء يرجع الى الفرد"، ليؤكد على وجود علاقة جدلية بينهما. فلا وجود لمجتمع بدون أفراده، والفرد لا يساوي شيء بدون مجتمعه، إذ أن وجود أحدهما يفترض بالضرورة وجود الآخر. فإذا كان المجتمع يمارس تأثيره على الفرد ويشرط تكوين شخصيته من خلال مجموعة من قنوات التربية والتنشئة، فإن هذا لا يعني أن الفرد مجرد موضوع سلبي يخضع فقط لتأثير المجتمع، فهو ليس قطعة نقدية تشبهها آلاف القطع، بل الفرد والمجتمع بمثابة وجهان لعملة نقدية واحدة، علاقتهما علاقة تأثير وتأثر.

ثالثا: موقف اميل دوركهايم

يرى دوركهايم أن المجتمع والفرد كائنان لهما طبيعتان مختلفتان، وهذا لا يعني وجود تنافر وتعارض بينهما، فمن المجتمع يأتينا خير ما فينا، ومنه تنبع الاشكال العليا لنشاطنا، والفرد لا يكتمل وجوده ولا تتحقق طبيعته تماما الا إذا تعلق بالمجتمع، لكنه يؤكد على أولوية المجتمع على الأفراد، باعتباره كيانا معنويا منظما وبنية عضوية تنصهر فيها ذوات الأفراد، فالمجتمع أوسع من الفرد لهذا فهو يتجاوزه ويطغى عليه ويتغلل فيه من جميع نواحي الحياة. ولا يستطيع الفرد الانفصال عن المجتمع، مادام هذا الاخير جزءا لا يتجزأ من جوهرنا ذاته.

خلاصة تركيبية

من خلال التصورات السابقة يتبين أن علاقة الفرد بالمجتمع هي علاقة تأثير وتأثر. بحيث إذا كان المجتمع يمارس مفعوله في تكوين شخصية الفرد من خلال عملية التنشئة الاجتماعية، فإن ذلك لا يعني سلب فعالية الفرد الذي من شأنه أن يكون فاعلا وليس مجرد عضو سلبي في المجتمع. فالفرد لديه القدرة على التأثير في المجتمع من خلاله قراراته وأفعاله وانجازاته. والمجتمع يتجاوز الفرد ويطغى عليه ويتغلل فيه من كل النواحي. ومن هنا إذا كان للمجتمع مفعول وسلطة. فكيف يمارس هذه السلطة...؟ وما نتائجها...؟ وأنماطها...؟

google-playkhamsatmostaqltradent