المحور الثاني: الرغبة والإرادة
أولا: جيل دولوز: الرغبة إنتاج اجتماعي
إشكال النص
هل يتحكم الانسان في رغباته أم العكس...؟ وما هي مصادر الرغبات...؟ وكيف تتفاعل مع الواقع...؟
أطروحة النص
لا يمكن اختزال الرغبة وفقًا للنص في إنتاج الأوهام (الاستيهامات)، أي إنتاج موضوعات خيالية وغير واقعية من أجل الإشباع. والرغبة على العكس من ذلك تماما، هي الواقع البشري نفسه الموجود أمام نفسه في مظاهره التاريخية المختلفة كإنتاج مستمر للمعنى.
يوجه جيل دولوز العديد من الانتقادات لمدرسة التحليل النفسي، حول وجهة نظرها وموقفها من الرغبة في ربطها بالإنتاج اللاواعي أو بالعالم النفسي الداخلي اللاشعوري واللاواقعي "ماهية الغياب". أي في إنتاج الأوهام والاستيهامات كشكل من أشكال الهروب اللاواعي من الواقع الذي لا يسمح بتحقيق الرغبة من أجل خلقها وإنتاجها في عالم الخيال.في مقابل وجهة نظر التحليل النفسي، يقترح دولوز مفهومًا مختلفًا للرغبة، لأنها وجود في الواقع وفي الحياة الاجتماعية والثقافية والتاريخية للناس، أي أن ناتجًا خارجيًا وليس داخليًا، وفي كونها حقيقة مرتبطة بالبيئة الخارجية للفرد. ومن ثم تعتبر الاحتياجات شكلاً ثانويًا من مظاهر الرغبة.
مفاهيم النص
- الإرادة: ملكة يمتلكها كائن مفكر يقرر من خلالها القيام بشيء ما وفقًا لأسباب مختلفة لا يعلمها الا هو، وهذه الملكة تفترض الوعي والتأمل.
- استيهام: تصور تحليلي للعقل اللاوعي، حيث يستحضر الشخص صورة الشيء الغائب في محاولة لإشباع الرغبة.
- لبيدو libido: كلمة لاتينية تعني اللذة على أساس الرغبة والشهوة الحسية. في ضوء التحليل النفسي، وقد ارتبط في البداية بالطاقة الجنسية، لكن بعد اكتشاف غرائز الموت، والحياة، أصبح يعني طاقة الحياة النفسية للكائن الحي.
حجاج النص
- أسلوب العرض والرد: وهي من أهم الحجج التي استخدمها مؤلف النص، والمؤشر اللغوي الذي يشير إليها هو استخدامه لفظة "بالنسبة لي" كفاصل بين موقف مدرسة التحليل النفسي ورده عليها، ليوضح موقفه المعبر عن موقف الفكر الفلسفي المعاصر الذي يربط بين الرغبة والقهر الخارجي. للعناصر التالية: "الواقع، المجتمع، الثقافة".
- أسلوب الشرط: استخدم هذه الطريقة لتوضيح حقيقة الرغبة لدى المحللين النفسيين، باستخدام الرابط اللغوي "إذا كان فإنا ".
ثانيا: باروخ اسبينوزا "الرغبة جوهر الانسان وماهيته"
الرغبة، حسب سبينوزا، هي جوهر الإنسان وماهيته، لأنها متجذرة في أعماقه. لذلك، فهي خاصية إنسانية لأنها مرتبط بعنصر وعيه. الرغبة هي إدراك ما نرغب فيه ونريده ونسعى إليه. وإذا علم الإنسان برغباته، فهو يجهل أسبابها. يعتقد سبينوزا أن ما يسمى بالإرادة هي في الواقع، الرغبات التي تقوم جميعها على الحفاظ على بقاء الفرد، لذا فإن كل نشاط بشري، بغض النظر عن التنوع والاختلاف فيه، ينبع من هذه الرغبة في حفظ بقاء الانسان سواء يشعر الشخص أو لم يشعر بها، وفي ذلك يقول: " كل شيء يحاول جاهدا أن يبقي على وجوده، إن هذا الجهد للحفاظ على بقائه ليس سوى جوهر حقيقته، لأن القوة التي يمكن أن يعيش بها هذا الشيء هي جوهر وجوده، وكل غريزة هي خطة ابتكرتها الطبيعة لتكون طريقًا لبقاء الفرد.