مجزوءة الطبيعة والثقافة تقديم عام للمجزوءة
قد يبدو التمييز بين الأشياء التي يصنعها الانسان والاشياء الطبيعية عملية سهلة، ومباشرة ولا لبس فيها. فالصخرة والجبل والنهر والضباب والبركان، هي أشياء أو ظواهر طبيعية، أما المنزل والمنديل والسيارة والكتاب فهي أشياء مصنوعة، أو اصطناعية، من انتاج الانسان. وهكذا فمن اليسر التمييز بين الطبيعي والثقافي في عالم الأشياء. لكن عندما يطرح الانسان ذاته، ويجعل منها موضوع تفكيريه، هنا تكمن الصعوبة في التمييز بين ما هو طبيعي وثقافي فيه، لكونه يتألف من عناصر فطرية طبيعية جاهزة، وأخرى مكتسبة ثقافيا واجتماعيا.
لو أخذنا على سبيل المثال "الأكل" فهو في جوهره عملية حيوية بيولوجية طبيعية، ولكن طريقة الأكل، إنما هي مكتسبة من المحيط الاجتماعي، فهي تختلف من مجتمع لآخر، وتعبر بذلك عن جانبه الحضاري في الإنسان. ومن هنا يمكن القول إن الطبيعة تمثل الأصل الثابت، والقدر المشترك بين الناس، بينما الثقافة تبدو متغيـرة ومختلفة. وهذه المفارقة الأولية تضعنا أمام تساؤلات عدة منها:
- ما المقصود بالطبيعة...؟ وما المقصود بالثقافة...؟ وما الحدود الفاصلة بينهما...؟
- أين تنتهي الطبيعة ومن أين تبدأ الثقافة...؟ وهل يكفي أن يقال إن الطبيعة ثابتة والثقافة متغيـرة...؟
- هل علاقتهما هي علاقة تكامل وانسجام أم أن الثقافة تقاوم وتواجه كل ما هو طبيعي...؟
- كيف يتفاعل ما هو طبيعي بما هو ثقافي في الإنسان...؟
وللإجابة على هذه الأسئلة سنعالج المحاور الآتية
- المحور الأول: التمييز بين الطبيعة والثقافة
- المحور الثاني: الانسان كائن ثقافي
- المحور الثالث: الطبيعة والنشاط الإنساني
- المحور الرابع: التنوع الثقافي