الطبيعة والنشاط الإنساني
تحليل نص برتراند راسل من السيطرة على الطبيعة إلى الانسجام معها
من هو برتراند راسل
برتراند راسل Bertrand Russell (1872- 1970): عالم رياضيات وفيلسوف بريطاني، ومن أشهر المفكرين والشخصيات العامة في بريطانيا، اتسم أسلوبه في الكتابة بالأناقة في استخدام اللغة وبروح الفكاهة، وبالاستخراج الحاذق للمثل النافي والاستثناء، بهدف إضعاف موقف الخصم وإيجاد ثغرات منطقية فيه، وهو من أفضل كتّاب "المقالة" كنوع من أنواع الكتابة، من مؤلفاته: "مبادئ الرياضيات" و"مشكلات الفلسفة".
إشكالات النص
يحاول راسل من خلال هذا النص الإجابة عن سؤال مركزي يتعلق بطبيعة العلاقة بين الانسان والطبيعة محاولا الإجابة على التساؤلات الأتية:
- كيف كانت علاقة الطبيعة بالفلاسفة القدامى (الأيونيين)؟
- وكيف أصبحت علاقة الطبيعة مع الإنسان الحديث؟
- وكيف تحول الإنسان من عاشق للطبيعة إلى طاغية مسيطر وهيمن عليها؟
أطروحة النص
يتناول الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل في هذا النص موضوع العلاقة بين الإنسان والطبيعة، ويفصل هذه العلاقة إلى مرحلتين رئيسيتين. المرحلة الأولى هي مرحلة الحب والعشق والود التي سادت في العصر اليوناني، وبالتحديد مع الفلاسفة الأيونيين. وفي تلك المرحلة، كان الإنسان محبا عاشقا للطبيعة
أما المرحلة الثانية فكانت في العصر الحديث، حيث اتسمت العلاقة بالسيطرة والهيمنة. وتزامنت هذه المرحلة مع نمو وتطور العلوم الطبيعية. وفي هذه المرحلة، انقلبت العلاقة بين الإنسان والطبيعة، حيث أصبح الإنسان طاغية جبارًا على الطبيعة، بدلًا من أن يكون عاشقًا محبًا لها كما كان في المرحلة الأولى
البنية الفكرية للنص
- يميز راسل بين مرحلتين أساسيتين في تصور الإنسان للطبيعة: مرحلة اليونان القديمة والمرحلة الحديثة.
- يؤكد راسل ان نظرة الفلاسفة اليونانيين الأوائل للطبيعة كانت نظرة تأملية خالصة، قائمة على حبهم للطبيعة وتعلقهم بها، واندهاشهم أمام ظواهرها المختلفة والمتنوعة.
- كانت علاقة فلاسفة اليونان الأوائل بالطبيعة علاقة انسجام وتوافق واحترام.
- لحظة العلم الحديث شكلت منعطفا حاسما في علاقة الانسان بالطبيعة حيث أحلت معرفة السيطرة محل معرفة الحب.
- أصبحت غاية رجل العلم الحديث هو الوصول الى معرفة علمية دقيقة بالظواهر الطبيعية التي تمكن الانسان من تحويل مواد الطبيعة وتسخيرها لصالحه من أجل السيطرة على الطبيعة والتحكم فيها.
- لا يمكن للإنسان أن يحقق سعادته المنشودة إلا بالانسجام مع الطبيعة الذي سيضمن له البهجة والسرور والمتعة.
البنية الحجاجية
استخدم راسل حجة المقارنة كحجة أساسية للدفاع عن رأيه القائل بضرورة الانسجام مع الطبيعة وذلك من خلال المقارنة بين مرحلتين مختلفتين في تعاطي الانسان مع الطبيعة: الطبيعة عند اليونان: (تأمل الطبيعة - الانصات الى الطبيعة - الانسجام مع الطبيعة - معرفة الحب) والطبيعة في مرحلة العلم الحديث: (السيطرة على الطبيعة - تسخير الطبيعة - استخراج خيرات الطبيعة - معرفة السيطرة)
قيمة النص
تتجلى قيمة النص في تأكيده على أن العلم الحديث قد أحدث تغييرا جذريا وخطيرا في تصور الإنسان للطبيعة، فقد كان في السابق محبا ومعجبا بها ومحترما لقوانينها، ولكن بفعل العلم الحديث أصبحت نظرة الانسان نظرة سيطرة وهيمنة على الطبيعة، وهذا ما جعل راسل يشدد على أهمية انسجام الانسان مع الطبيعة عضو السيطرة عليها.