recent
أخبار ساخنة

مفهوم الرغبة تمهيد إشكالي

مفهوم الرغبة تمهيد إشكالي

تشير الرغبة إلى كل ما يقوم به الإنسان وهو يسعى لنيل موضوع يحقق له المتعة والسعادة، غير أن عدم تحديد موضوع هذه الرغبة يجعلها دائما موضع شبهة وانتقادات بل موضع أحكام مسبقة، متعارضة وأحيانا متناقضة. ويزداد موضوع الرغبة غموضا، عندما نقارنها بالحاجة. فإذا كانت هذه الأخيرة مشتركة بين جميع الكائنات الحية، فإن الرغبة على العكس من ذلك، تبدو تجربة خاصة جدا، فلا أحد يمكنه أن يعيش تلك التجربة كما عاشها غيره، ذلك أن أصل الرغبة وحركتها يكمنان في الوجود الخاص بل فرد. وهذا ما يدفعنا لطرح العديد من الأسئلة لمحاولة فهم مفهوم الرغبة من قبيل:
- ما الرغبة وما طبيعتها...؟ وما علاقتها بالحاجة...؟
- هل یستطیع الإنسان وعي رغباته وممارسة سلطة عليها...؟ أم أن الرغبات تظل خارج نطاق الوعي وفي غيابه...؟
- هل إشباع الرغبات شرط ضروري لتحقيق السعادة أم أن الإنسان يمكن أن يكون سعيدا دون إرضاء جميع رغباته...؟

الرغبة والحاجة

يعتبر الحصول على الطعام والمسكن والراحة من الأنشطة التي تربطها عادة بحاجات أساسية. فهذه الحاجات تعبر عن خصاص حيوي. وهذا يعني أنه ينبغي للإنسان أن يستجيب لتلك الحاجات. يتعلق الأمر هنا بمتطلبات لابد من تحقيقها حتى يستمر النظام العضوي حيا، فهي تكتسي طابع الضرورة الحيوية. يتطلب هذا النوع من الحاجات اشباعا فوريا، لأنه إذا تعدى الوقت الفاصل بين الطلب والاستجابة، حدا معينا، فإن ذلك يعني تحطم النظام العضوي وموته. لكن الحاجة إلى الطعام أو غيره، تخضع للكيفية التي يتم بها الإشباع وزمن هذا الإشباع، ذلك أن الحاجة تتحول لا شعوريا إلى رغبة، وهو ما سيشكل مستقبلا شخصية الفرد.

الرغبة والإرادة

خلاف للتقاليد الفلسفية التي حاولت أن ترسخ "موت الرغبة"، في إطار العقلانية، نجد «اسبينوزا» يعمل من أجل معرفة حقيقية بالطبيعة الإنسانية. فالإنسان يدرك رغباته لكنه يجهل العلة التي تجعله يرغب في شيء معين. فمن المؤكد أن الرغبة تخترق التجربة الإنسانية، والإنسان هو بامتياز، كائن راغب، أو بقول آخر "الرغبة هي الماهية الفعلية للإنسان". ليست الرغبة "ماهية الغياب"، فموضوعها لا يختزل في إنتاج الاستيهامات بل هي انتاج الواقع، فهي واقعية، تعمل في المجتمع ومجال صراعها هو المجتمع وليس الفرد المعزول.

الرغبة والسعادة

تتعدد الرغبات وتتنوع، فهناك الرغبة في المعرفة، والرغبة في المجد، والرغبة في التغلب، لكن أقواها وأبقاها هي الرغبة التي تولد الابتهاج أو السعادة. لكن ما هذه الرغبة...؟ إنها شعور بالميل نحو شخص نعتقد أننا نحبه. لكن ما غاية الحياة السعيدة...؟ حسب «أبيقور»، إنها الشعور باللذة. ومعنى ذلك تجنب الآلام والاضطرابات. غير أن السعادة تتجلى أيضا في قهر وكبح الملذات. لكن هل نكون سعداء بدون رغبات...؟
google-playkhamsatmostaqltradent