مفهوم الشغل : الإطار الإشکالی العام
یندرج مفھوم الشغل ضمن الفعالیة البشریة المتمثلة في التدخل الواعي للإنسان في محیطه الطبیعي لتحویله بھدف إشباع حاجاته. كما یحیل إلى نمط الوجود الاجتماعي والذي تنتظم وفقه العلاقات مع الغیر على أساس التبادل. ومن ھذا المنطلق انصبت علیه الدراسات من أجل فھمه باعتباره فاعلیة إنسانیة تحقق الوجود البشري من جھة ویشبع بواسطتھا الإنسان حاجاته ورغباته من جهة ثانية. إن الشغل عضلیا كان أم فكریا ینفرد بكونه مجالا للتحقق الفعلي للذات أي لما تحمله من طاقات جسدیة وفكریة. لكن رغم كون الشغل فاعلیة واھیة وإرادیة لدى الإنسان فإنه ینطوي على جانب إلزامي وذلك لارتباطه بالعمل الدؤوب وبالتعب والكد والمعاناة في كثیر من الأحیان سواء نظرنا إلیه من الزاویة الطبیعیة أو من الزوایا النفسیة والاجتماعیة والاقتصادیة.
نستنتج إذن من هذا التقديم:
- الشغل فاعلیة إنسانیة واعیة وقصدیة یتفاعل فیھا الجھد الفكري والجھد العضلي وتستدعي توفر عناصر أساسیة ثلاثة: الذات الفاعلة – أدوات الفعل – موضوع الفعل.
- الشغل وساطة بین الإنسان والطبیعة والغیر، یحول بواسطتها الإنسان الطبیعة ویغی ذاته، وتتحدد على أساسه علاقته بالآخرین في إحدى مستویاتھا.
- الشغل جھد وعناء وتعب، وفي نفس الوقت متعة وكسب ورفاھیة، وسیلة وغایة، رتابة وإبداع وتجاوز... وھو یجعله ینعكس على الذات الإنسانیة إما في اتجاه استلابھا أو تحررھا.
یتأسس الطرح الإشكالي لمفھوم الشغل على المفارقات السابقة ویحیلنا على ثلاث مستویات:
- مستوى یتعلق بماھیة الإنسان: لماذا یشتغل الإنسان؟ ما الذي یجعل من الشغل خاصیة إنسانیة؟ وما قیمة وأھمیة الشغل بالنسبة للإنسان؟ ھل یشكل الشغل بالنسبة للإنسان غایة یحقق فیھا ذاتھ أم مجرد وسیلة للربح والثروة؟
- مستوى یتعلق بالبعد الاجتماعي للشغل: ما علاقة الشغل بتنظیم المجتمع؟
- مستوى یحیل على انعكاسات الشغل على الإنسان: ھل الشغل خضوع للحاجة ولنظام النشاط المنتج أم ھو إبداع وتحرر وتحقیق للذات؟ إذا كان الشغل ضروریا لتحقیق حاجاته الإنسان ومتطلباته، ألا یتحول بما یتطلبه من جھد وكد وتعب إلى شقاء وحرمان من الراحة؟ ھل الشغل بالنسبة للإنسان مجال لاستلابھ وتبعیتھ أم وسیلة لاستقلالھ وتحرره؟
- الشغل خاصیة إنسانیة
- تقسیم العمل
- الشغل بین الحریة والاستلاب
